كن قائدًا.. لا مديرًا

د. دانية آل غالب
الجمعة 06/12/2013
صحيفة المدينه
كثير من المديرين والرؤساء في العمل يحلم بأن يكون قائدًا متميزًّا، لكنه لا يعرف أن من أهمّ القواعد التي تجعله قائدًا متميزًّا أن يحسن استخدام مواهب مرؤوسيه، ويستغلّها استغلالًا كاملًا، وأن يتنازل عن السيطرة والهيمنة، ويضحّي ببعض سلطاته، ويمنح الفرصة للآخرين ليبرزوا مواهبهم وقدراتهم، فلكل شخص بصمته الخاصة، وقدراته في الأداء والإنجاز، والاتصال والتواصل، والحديث والتحاور مع الشركاء التجاريين والزبائن، فليعطَ كل شخص فرصته.
وقد يقوم بعض المديرين بالتفويض لكنه تفويض مبتور الصلاحيات إذ يصرّ أن ينفذ الآخر ما يقوم هو بإملائه عليه من أفكار، بينما يقوم التفويض الحقيقي لأداء المهمات على إتاحة الفرصة لأفكار الآخرين كي تتحوّل إلى واقع حقيقي وإنجاز بالطريقة التي تمليها عليهم رؤيتهم.
فذلك يحقّق التمكين للموظف الذي سيهتم بأن يصنع واقعًا جديدًا من وظيفته وواجباتها، فهو (يمتلك) مخرجاته المهنية وينظر إليها بشكل مختلف، لأنها نتيجة يضعها بنفسه، وامتداد حقيقي لذاته في عمله، وليست رغبات المدير التي عليه أن ينفذّها دون أن يترك بصمته عليها.
وحين يشعر الموظّف أن عمله هو ما يصنعه كامتداد له، ستولد لديه روح المبادرة والإحساس بالغربة في أن يوسّع حضوره في مكان عمله، ويستثمر كل طاقته لتحقيق المزيد من الإنجازات، وكل هذا يصبّ في صالح العمل وتوسيع دائرة الإنتاج المتنوع الرؤى والطاقات.
أعلم أن كثيرًا من القادة الذين يحاولون تطبيق ما ذكرته قد يصدمون بواقع افتقار الموظفين للموهبة أو الحكم المنطقي السليم، أو يبالغون في تقدير حجم قدراتهم، أو لا يملكون رؤية أو التزامًا بالمتابعة حتى النهاية.
عندئذ يكون التفويض عبئًا على القائد والموظّف، الأمر الذي يتطلب من القائد أن يكون لديه حدس عالٍ، وقدرة على التطوير علاقته بموظّفيه ليستطيع أن يتعّرف ما يتمتع به كل موظف من طاقات فريدة، ليتمكّن من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإدراك كيف يمكنه تفجير المواهب والقدرات لدى هذا الموظّف أو ذاك.
إن التطوير المهني يحتاج إلى التنويع: أي التنويع في وجهات النظر، وطاقات الإنتاج.
فاختلاف وجهة النظر يقدّم خدمة للعمل بأسلوب مختلف، والنجاح والتميّز لا يأتينا من الروتين والتكرار والاستنساخ وإنما بالتجدّد والابتكار واستغلال الطاقات المتنوّعة والبصمات المختلفة.
فمعظم مشاكل تأخر التقدّم وتدنى مستوى الإنتاجية وعدم استغلال الطاقات البشرية جيدًا سببها المديرون كثيرون والقادة نادرون.